التسميات

ابحث في المدونة

الاثنين، 2 أكتوبر 2017

لقاء مع مدير الثقافة في محافظة طرطوس

لأن الثقافة وعي وقراءة وتحليل معرفي ورؤية معمقة لما يحيط بنا من عوامل حياتية عدّة، ولأن الثقافة مرتبطة بمفهوم الحضارة، والحضارة نتاج وموروث فكري وفني متراكم لدى الشعوب، ولأن سورية مهد الأديان والثقافات، دأبت دول كثيرة تفتقد لأدنى صورة حضارية أو ثقافية على استهداف الإنساني السوري والتأثير على ذاكرته ومحاولة محوها وطمسها ليحل محلها ثقافة غربية تطغى عليها أمور ثانوية تشغله عن همومه وأولوياته في فهم واقعه الحقيقي.
وفي ظلّ الأزمة الحالية أصبح من الضروري بناء مشروع ثقافي فكري، ونتاجات فنية وحركات ثقافية تسهم في إعادة الوعي الذي بدأ الإنسان السوري يفقده وصار جائعاً لكلّ صنوف الثقافة والفنون الحقيقية الشفافة، وبدت الحاجة الماسة لإنسان يكرس كلّ وعيه لتحليل وشرح ما يحدث وأن يقدم رؤى واقعية مستقبلية، وأن يكون أميناً لثقافته التي شكّلها عبر حياته.
وانطلاقاً من أهمية الثقافة ودورها الفعال في تعميق الوعي وبناء مستقبل أفضل ذو ملامح حضارية وتقديم منتج ثقافي قادر على إغناء العقل والوعي الإنساني في أوقات الأزمات، كان لنا هذا اللقاء مع مدير الثقافة في محافظة طرطوس الأستاذة ليندا إبراهيم، بهدف تسليط الضوء على نشاطات المديرية والتعريف بأهم خدماتها وخطتها القادمة ومشروعها الثقافي المنتظر.
23 تشرين الثاني: انطلاقة حقيقة في المشروع الثقافي
أولاً نبارك لك بالعمل الجديد، ماذا يمثّل لك تاريخ 23 تشرين الثاني عام 2017؟
شكراً لكم، الصراحة ربما يكون للأرقام مغزى ومعنى وحتى "لعبة"، لكنَّ للتواريخ لعبة أخرى ربما يرسمها القدر، تاريخ /23/11/2014 يعني لي كثيراً، فقبل أن أكلّف بمهام مديرية ثقافة طرطوس، ذلك التاريخ يمثّل ذكرى تأسيس وزارة الثقافة السورية، وحيث أنني من العاملين في وزارة الثقافة فقد شكّل لي هذا التاريخ معاني كثيرة سامية تخص الثقافة بشكل عام والثقافة السورية بشكل خاص، ويأتي بعدها تكليفي بمهام مديرة الثقافة في التاريخ نفسه، مصادفة لعب القدر فيها لعبته من جهة، ومن جهة أخرى لقدري، كمثقفة لي مسيرتي الإبداعية حتى الآن ومشروعي الثقافي الذي سأجهد لتطبيقه من خلال موقعي الجديد، فهذا التاريخ يعني لي إعلان انطلاقة حقيقية في مشروعي وعملي الثقافي.
من ذلك التاريخ حتى اليوم كان هناك حراك ثقافي، كيف استطعت الارتقاء بالعمل الثقافي؟
أن يصلني آراء وملاحظات وانطباعات ممن حولي ومن المتابعين والمهتمين بأنهم لاحظوا أن ثمّة حراك فهذا أمر يسرني بالغ السرور، وآخذه بعين الاعتبار مؤشر حقيقي لعملي، الذي إن لم ينعكس فعلاً ثقافياً حقيقياً ويشعر به المهتمون وفئات الشعب المستهدفة بالعمل الثقافي فهو دليل أننا لم نبدأ ولم ننتج شيئاً جديداً بعد، وهذا هام جداً ومقدّر عندي.
عشرون مركزاً ثقافياً في مدينة طرطوس وريفها
مديرية الثقافة في طرطوس تتبع لوزارة الثقافة ما هي أهم المراكز الثقافية التي تتبع للمديرية في المحافظة؟
يتبع لمديرية الثقافة في طرطوس عشرون مركزاً ثقافياً في مراكز المدن والبلدات، منتشرة على امتداد المدينة والريف في طرطوس. أهمها المراكز التي لها قدمها وعراقتها مثل: (ثقافي طرطوس ـ صافيتا ـ الشيخ بدرـ الدريكيش ـ بانياس) حيث لها عقود في العمل، إضافة للمراكز التي أنشئت وأحدثت بعدها وتليها أهمية مثل: (القدموس ـ مشتى الحلو ـ برمانة المشايخ ـ الطواحين).
خدمات جمّة تقدمها المديرية في المحافظة، لو تحدثينا عن ذلك؟
من أهم الخدمات المنوطة بمديرية الثقافة كمؤسسة رسمية ضمن الدولة أن تقوم بإنتاج المنتج الثقافي من خلال فعل ثقافي يقوم به القائمون على المؤسسات الثقافية بالتعاون والتشارك مع المثقفين والمهتمين بالشأن العام والوضع الثقافي، هذا هو العنوان العريض، أما التفاصيل فتكمن في شكل ونوعية وماهية وطريقة وإطار إنتاج وتقديم هذا المنتج. فهناك معاهد للثقافة الشعبية تدرّس مختلف المناهج، وركن للإنترنت يشجع على ثقافة النت، والمكتبات الضخمة التي تضمّ عشرات الآلاف من العناوين الهامة، إضافة إلى مختلف الأنشطة والفعاليات والمهرجانات المتنوعة التي تهمّ أكبر شريحة من المجتمع.
إعادة الوهج للمراكز الثقافية هدفنا في عام 2017
لا شكّ أنكم وضعتم خطة مديرية الثقافة في العام الجديد، ما الهدف الرئيس الذي تسعى المديرية إلى تحقيقه في عام 2015؟
الهدف الرئيس هو إعادة الدور والألق والوهج للمراكز الثقافية التي تعدّ صروحاً معمارية ضخمة أنشئت لتكون منارات ثقافية تليق بالهدف الأساس السامي من إحداثها، وذلك من خلال مجموعة من الخطط والإجراءات التي سنعمد لوضعها موضع التطبيق ما أمكن، جوهرها إشراك المجتمع المحلي بالعملية الثقافية، ووضع الخطط لها، الأمر الذي يؤدي لانخراط معظم فئات المجتمع في العملية الثقافية.
ضمن الخطة السنوية هل هناك دورات ستقيمها المديرية لعامليها؟
من المؤكد أن هنالك خطة للتأهيل والتدريب سنعمد لها من مختلف الاختصاصات وللعاملين بمختلف مستوياتهم من رؤساء مراكز وحتى العاملين من مهندسين وفئات أخرى، سواء دورات اختصاصية أو مهنية.
تستضيف المديرية العديد من الفعاليات أبرزها تكريم ذوي الشهداء، ما الهدف من ذلك؟
الهدف هو التكريم أولاً وأخيراً، وبالوقت نفسه تعتبر المراكز الثقافية أولى باستضافة مثل هذه الأنشطة كونها ممارسة لفعلٍ ثقافي بالأساس، ناهيك عن استقطاب الفئة الأهم الآن ولاحقاً وهم من ضحوا وبذلوا أرواحهم ودماءهم فداء الوطن.
على ماذا تتركز الندوات والمحاضرات التي تستضيفها المديرية والمراكز التابعة لها؟
على مختلف العناوين والاهتمامات سواء فكرية أم تفاعلية أم تشاركية أم ملتقيات ومهرجانات.
العقلية الظلامية الرجعية هي الضرر الأعظم
في ظلّ الأزمة الحالية ما هو حجم الضرر الذي طال الكثير من الصروح الثقافية؟ (مثلاً محافظة الرقة كانت المراكز الثقافية فيها مستودعاً لأسلحة المسلحين).
أعظم الضرر، وهو غير الضرر في الممتلكات العامة واستهدافها كمراكز إشعاع ثقافية، فالضرر الأساس كان العقلية التي تسود الآن، وهي العقلية الظلامية الرجعية، وأستطيع القول إن أخطر ما قاموا به ليس استباحة حرمات الأبنية والمراكز فحسب، بل وتحطيم واستباحة النصب التذكارية لأهم رموز الفكر والثقافة والحضارة الإنسانية السورية، وليس في الرقة فقط بل في حلب ودرعا، كتمثال أبو العلاء المعري وغيرها الكثير.
ما هي الإجراءات المتخذة لإعادة ترميم جراحها؟
هي في رسم القائمين على وزارة الثقافة السورية، ما أن يتحسن الوضع الأمني وتنحسر العمليات العسكرية، مستردة الأرض والأمن والأمان قبل كلّ شيء.
هل هناك تعاون بين المديرية ومديرية السياحة في طرطوس؟ وكيف يترجم هذا التعاون؟
سيكون هناك تعاون لجهة السياحة الثقافية، فالمدينة تعجّ مركزاً وأطرافاً بالآثار التي تنمّ عن حضارة هذا البلد العريقة، وسيتمّ استثمارها بالتأكيد.
ثقافي أرواد إلى إدارة جديدة، ودار واحدة للسينما
إلى أي مدى تعدّ المراكز الثقافية في القرى والبلدات فعالة؟ وأين هو جمهورها؟
إلى حدّ ما وليس بشكل مرضٍ، فقد شهد العقد الماضي انحساراً في الإقبال الجماهيري على المراكز الثقافية، وهذا له أسبابه الكثيرة التي نتلمسها الآن بغية معالجتها.
أين هو مركز ثقافي أرواد من خطتكم؟
ثقافي أرواد في طريقه إلى إعادة التأهيل، ويشهد تغييراً من إدارة جديدة إلى تنظيم داخلي إداري جديد.
في ظلّ جمهور شبه غائب، ما هو واقع المسرح القومي في طرطوس؟
الجمهور ليس غائباً، وتحديداً عن المسرح القومي في طرطوس، والحقيقة شهد إدارة جديدة وعملاً جديداً، نتمنى له الاستمرار في النجاح.
هل هناك أي من دور للسينما في المحافظة؟
هناك دار واحدة فقط من دور السينما التي تتبع للمؤسسة العامة وهي سينما الكندي، إضافة لعدد من دور السينما التقليدية القديمة الخاصة، لكنها تراجعت في دورها، ومن أهم الأسباب الأزمة التي تتعرض لها سورية منذ حوالي أربع سنوات.
أهم العوائق تراكم العقليتين الإدارية والثقافية, وفي الأفق مشروع ثقافي
تعاني سورية بشكل عام من هجرة العقول والأدمغة والمثقفين، كيف يتم تشجيع من بقي من الكتاب والمثقفين والفرق الموسيقية أو الفلكلور الشعبي للمساهمة في إعادة ما تهدم؟
من خلال استقطابهم وفتح الأذهان والعقليات قبل الأمكنة، من أجل إعادة جهودهم وتجميعها في خدمة الوطن سورية وقبل أي شيء آخر.
منذ استلامك لعملك ما هي المشكلات التي تعوق العمل؟
من أهم ما نعانيه تراكم العقليتين السائدتين على مدى عقود، هي: العقلية الإدارية الوظيفية والعقلية الثقافية، وهاتان ما سيتم العمل عليهما.
رسالتك كمدير للثقافة في طرطوس إلى الجمهور في المحافظة خاصة وسورية عامة عبر مؤسسة دام برس الإعلامية؟
أستطيع القول إن ثمّة مشروعاً ثقافياً سيرى النور، أتمنى أن ينعكس إيجاباً على البلد سورية بكامل حضارته التي نعهدها والتي نحملها في جيناتنا من أمنّا سورية.
في ختام لقائنا نشكر مدير ثقافة طرطوس الأستاذة ليندا إبراهيم على استضافتها الكريمة، ونتمنى لها التوفيق والنجاح في عملها الجديد، كما نتمنى أن تشهد المحافظة خاصة وسورية عامة حراكاً ثقافياً قوياً يعيد النبض والروح الثقافية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق