الاثنين، 2 أكتوبر 2017

أرواد الجزيرة التاريخية





لمحة تاريخية :


قامت مدينة أرواد السورية على جزيرة تحمل الاسم نفسه، وتتمتع بتاريخ عريق. وتقع الجزيرة أمام السواحل الشرقية للبحر الأبيض المتوسط، قبالة البر السوري وعلى بعد 4150 متراً جنوب غرب مدينة طرطوس، وعلى بعد 2450 متر عن خط الساحل السوري.
أرواد باليونانية (أرادوس Arados) وبالفينيقية آراد وتعني الملجأ. وهناك عدة أماكن تحمل نفس التسمية أمام الساحل الفلسطيني وفي الخليج العربي وبالقرب من جزيرة كريت، إلا أن كل الدلائل تشير إلى أن مؤسسي هذه الأماكن كانوا من الفينيقيين وبالتالي تعزز معنى الاسم وهو "ملجأ الهاربين”.
وقد كانت الجزيرة مسكونة منذ زمن بعيد، لكن استمرار السكن على هذه المساحة الضيقة لم يسمح بالعثور على دلائل هذا الماضي البعيد لأن أرضها صخرية ومن دون طبقات، كما أن أبنيتها مكتظة تعيق أية عملية تنقيب، وقد وجدت شواهد على الاستيطان الإنساني على اليابسة تعود إلى العصر الحجري الحديث والمتوسط .



احتل سرجون الأول مؤسس الدولة الأكادية أرواد (خلال النصف الثاني من الألف الثالث قبل الميلاد). ثم اشتركت الجزيرة مع الحثيين في حربهم ضد المصريين في معركة قادش (القرن الثالث عشر قبل الميلاد). وعندما أغارت شعوب البحر على أوغاريت، كانت أرواد أوفر حظاً، إذ نجت من الغزو، وأصبحت من أبرز المدن على الساحل. إلا أنها خضعت للملك الآشوري تغلات بلاصر الأول ثم آشور ناصربال. غير أن الأرواديين استردوا معنوياتهم واتحدوا مع ملوك سورية الآراميين عام 854 ق.م ليحاربوا جيش شلمانصر الثالث الذي تمكن فيما بعد من فرض الغرامات على أرواد. وفي عام 727 ق.م استعان شلمانصر الخامس بأسطول أرواد. وفي عام 650 ق.م أعلن ملك أرواد الخضوع لآشور بانيبال ملك آشور. وفي عام 604 دخلت في نفوذ نبوخذ نصّر الكلداني.


وفي عام 539 ق.م أصبحت أرواد جزءاً من الإمبراطورية الأخمينية الفارسية وغدت الولاية الخامسة، وسمح لها بممارسة الحكم الذاتي ودفعت بأسطولها إلى جانب الفرس في حربهم ضد الأثينيين في معركة سلاميس عام 480 ق.م. وعند غزو الاسكندر المقدوني البلاد عام 333 ق.م. قدمت أرواد الخضوع له لكنه لم يغزُ الجزيرة بل أعطاها استقلالاً ذاتياً، وأخذت أرواد تصك النقود باسم الاسكندر
كان لأرواد شأن مهم في النزاع بين البطالمة والسلوقيين لهذا منحها أنطيوخوس الثاني استقلالها ليضمن مساعدة بحريتها وتمتعت وقتها بامتيازات المدينة الحرة. واعتبر العام 259 ق.م نقطة بدء التأريخ لديها. وتدخل الأرواديون في نزاع السلوقيين بين بعضهم حيث وقفوا إلى جانب سلوقس الثاني، واضطر أنطيوخيوس الرابع إلى إخضاعهم بعد مقاومة، ثم تحالف معهم. وأعاد أنطيوخيوس السابع إلى أرواد حريتها ليكسب مساعدتها.


وبصورة عامة كان لأرواد نفوذ عظيم على طول سواحل سورية.
وفي عام 64 ق.م احتل الرومان بقيادة القائد الروماني بومبيوس سورية، إلا أن أرواد حافظت على استقلالها النسبي، وأيدت القائد الروماني بومبيوس عند خلافه مع قيصر، ورفضت دفع الجزية إلا أن المجاعة التي نتجت عن الحصار دفعتها إلى الاستسلام. واحتفظت أرواد في تلك الآونة بمؤسساتها الهيلنستية وكانت الوحيدة التي حافظت على حريتها. إلا أنها أخذت تخبو وتضعف، وبدأ نجم المدينة المقابلة انترادوس (طرطوس) بالتألق ليأخذ مكانها. ومن الجدير بالذكر أن القديس بولس وصل أرواد وهو في طريقه إلى روما وأعجب بتماثيلها وبشر سكانها بالدين المسيحي.


لم تدخل أرواد الفتح العربي مع سورية بل بقيت قاعدة بحرية بيزنطية إلى أن قرر معاوية بن أبي سفيان فتحها وتم له ذلك عام 45 هـ/ 676م.

بعد ذلك تناوب على أرواد المماليك ثم أهملت. وأتى العثمانيون وحسنوا في قلعتها زمن السلطان سليمان القانوني، وشيد فيها حصنان صغيران، وتم نقل إليها السكان من قلعتي المرقب وصلاح الدين وخصصت لهم رواتب وحصلت بينهم مناوشات وبين قراصنة البحر وأسروا بعضاً منهم.

وفي الحرب العالمية الأولى نزلت فيها البحرية الفرنسية وأخضعتها لفرنسا عام 1915م حيث أصبحت تمهر فيها المعاملات بخاتم حكومة أرواد، قبل أن يتم ضمها إلى سورية بعد معاهدة سايكس-بيكو، وقد جعلت فرنسا قلعتها معتقلاً للأحرار والرجالات الوطنيين إبان فترة الاحتلال الفرنسي الذي انتهى عام 1946.


                                                             متحف أرواد :




          موقع المتحف:
          ضمن قلعة أرواد الأثرية التي تتوسط جزيرة أرواد، والتي يعود تاريخها إلى النصف الثاني من القرن الثاني عشر الميلادي، وتضم آثار صليبية ومملوكية وعثمانية.
يُعرض في المتحف لوحات فسيفساء، قواعد تماثيل حجرية نقش عليها نصوص لاتينية، بقايا تماثيل فخارية، برونزيات مختلفة، نماذج مراكب شراعية، نحاسيات تقليدية، صدفيات بحرية نادرة، أدوات صيد بحري.

          قسم الآثار:
          يضم هذا القسم 22 خزانة موزعة في عدد من القاعات المنفصلة عن بعضها البعض، وقد تمّ توزيع المعروضات فيها حسب المواقع الجغرافية التابعة للجزيرة تاريخياً.
          قاعتان لمكتشفات أرواد:
          تحوي آثاراً من الفترة الإغريقية والرومانية والبيزنطية: جرار، صحون فخارية، أباريق، قمع فخاري، كانت قد وُجدت في الجزيرة وفي المياه الإقليمية السورية وهي مختلفة الأشكال والأحجام يعلو بعضها طبقة من الترسبات الكلسية أكسبتها شكلاً جميلاً.

            قاعتان لموقع عمريت:
          يقع هذا الموقع جنوب طرطوس على بعد حوالي 3كم مقابل أرواد، وقد ازدهر خلال القرنين الرابع عشر والثالث عشر قبل الميلاد. تضم هاتان القاعتان مجموعة من الآثار الحجرية والفخارية تعود إلى عهود مختلفة: لوحات فسيفساء، أواني فخارية مختلفة، أجزاء تماثيل حجرية ، نقود.
          قاعتان لآثار تل كزل:
          يقع هذا الموقع جنوب طرطوس على بعد حوالي 18كم على نهر الأبرش، ويُعتبر من أكبر التلال الأثرية الواقعة في فجوة حمص، والذي كان له صلة بأرواد خلال الألف الأول قبل الميلاد. تضم القاعتان آثاراً من العصر البرونزي الحديث وقطع من الفترة الهيلنستية والرومانية والبيزنطية .
          قاعتان للتنقيبات البحرية:
          تضم مجموعةً كبيرة من المنحوتات الفخارية التي تعود إلى القرن الثالث عشر، وهي منتشلة من سفينة غارقة في البحر قبالة الشاطئ المهجور من قبل البعثة السورية-اليابانية المشتركة؛ كما تضمان مجموعة من الآثار الحجرية المختلفة المعروضة في حديقة المتحف










         قاعة النقود: تضم مجموعة من القطع النقدية البرونزية من الفترة الرومانية والبيزنطية  والإسلامية بالإضافة لمجموعة من القطع البرونزية  (مشابك – مخارز – أساور – خواتم).

          قسم التقاليد الشعبية:
          يضم ما يتعلق بالحياة الاجتماعية لسكان الجزيرة في 19 خزانة موزعة في عدد من القاعات:
          قاعتان للنحاسيات التقليدية:
          وتضمان مجموعةً مختلفة الأشكال من الأدوات النحاسية التي تستخدم لأغراض منزلية مختلفة: صحون، قدور، مصبات قهوة، كؤوس، طاسات حمام، عدة تزيين.
          قاعة الصدفيات البحرية:
          وتحوي مجموعة مختلفة الأشكال والأحجام من الأصداف البحرية الجميلة والنادرة.
          قاعة المراكب:
          وتضم نماذجَ لمراكب شراعية بأنواعها المختلفة: السكونا، الغيظ، الكيك، الفلوكة؛ والتي استخدمت من قبل أهالي الجزيرة حتى عهد قريب وهي من صنع محلي.
          قاعة الصيد البحري:
          وتضم مجموعة من أدوات الصيد التي استخدمها الصياد الأروادي، والتي تبين طرق صيد السمك والإسفنج: شباك صيد، صنارات، أجهزة غطس، بنادق صيد بحرية، إسفنج بحري.
          قاعة الفن الحديث:
          وتضم مجموعة من اللوحات الزيتية والمائية التي تصور الحياة الاجتماعية لسكان الجزيرة .

أهم القطع الأثرية التي عثر عليها في أرواد 


 قمع كان يستخدم في زمن الفينيقيين من أجل إخراج المياه العذبة من قلب البحر .


 أقدم تمثال من الطين في العالم مكتشف في جزيرة أرواد و هو يمثل الربة الأم 

هناك تعليق واحد: